هل سينجح الصدر في تشكيل حكومة غير مبنية على المحاصصة الطائفية؟

المداد ميديا_متابعات

بعد تصدر تحالفه في الانتخابات الأخيرة، يسعى مقتدى الصدر في شكل دؤوب إلى اللقاء مع قادة التحالفات الفائزة الأخرى للبحث عن فرص تشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان الجديد والذي سيكلف بتشكيل الحكومة الجديدة. فبعد اللقاء الذي جمع الصدر في 19 أيار مع رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي حصلت قائمته النصر على المرتبة الثالثة في الانتخابات قال العبادي في مؤتمر صحافي مشترك مع الصدر إن “اللقاء هو للعمل سوية من أجل الإسراع في تشكيل الحكومة”.

وقال المتحدث باسم تحالف النصر في 22 مايو أن العبادي قد توصل الى اتفاق مع مقتدى الصدر بخصوص خريطة تشكيل الحكومة المقبلة. وفي لقاء آخر له في 20 أيار مع زعيم قائمة الفتح المتشكلة من الأجنحة السياسية للفصائل العسكرية الموالية لإيران والتي حصلت على المرتبة الثانية في الانتخابات، شدد الصدر على “ضرورة أن يكون قرار تشكيل الحكومة قراراً وطنيّاً وعلى أهمية مشاركة كلّ الكتل الفائزة التي تنتهج مسارا وطنيا في تشكيل الحكومة المقبلة”. ويبدو أنه في التأكيد على “القرار الوطني” و”المسار الوطني” كناية إلى زعيم الفتح هادي العامري الذي التقى قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني قبل أيام في بغداد في محاولة لتشكيل كتلة نيابية موالية لإيران.

وفي لقاء آخر له مع زعيم تيّار الحكمة السيد عمار الحكيم في 21 أيار أكد الصدر ضرورة تشكيل الحكومة المقبلة على نحو تضمن “تصحيح مسار العمليّة السياسية بما يتوافق مع تطلعات الشعب العراقي الرافض للطائفية والفساد”. كما أنّ الصدر التقى أيضاً زعيم قائمة الوطنيّة أياد علاوي الذي يقود إحدى القوائم السنية يوم الإثنين في 21 أيار وتلقى رسالة من نائب الأمين العامّ للاتحاد الوطني الكردستاني السيد كوسرت رسول علي في 19 أيار ضمن النقاش الجاري حول صورة التحالفات المقبلة لتشكيل الحكومة والتي تتطلّب مشاركة سنية وكردية إلى جانب الأغلبية الشيعية.

وبعد فشل المفاوضات لتشكيل كتلة نيابية تجمع القوائم الشيعية الأربع الكبرى (الفتح، دولة القانون، النصر والحكمة) برعاية إيرانية حاول السفير الإيران  في بغداد استمالة الصدر تجنباً لتشكيل حكومة عراقيّة غير صديقة لإيران. فقال السفير إيرج مسجدي في 21 أيار إن “إيران تربطها علاقات بناءة مع كل الأحزاب والتيّارات والائتلافات التي فازت بأغلبية كراسي البرلمان في الانتخابات الرابعة نافيا “الشائعات حول وجود بعض الخلافات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والسيد مقتدى الصدر”، مؤكّداً أنّ “علاقات الجمهورية الإسلاميّة معه (الصدر) تاريخية ومتجذرة حيث ربطتها علاقات وثيقة مع الشهيدين الجليلين السيدين محمّد صادق الصدر ومحمد باقر الصدر (والد السيد مقتدى الصدر وعمه)”. وأضاف أن “علاقة المسؤولين في إيران مع السيّد مقتدى الصدر هي علاقات ودية وأخوية وأن الكثير من هؤلاء المسؤولين بمن فيهم السيد قاسم سليماني يكنون كل الود للسيد مقتدى الصدر”.

ولكن كل الشواهد الموجودة تؤكد أن العلاقة بين التيار الصدري وإيران قد تأثرت سلبا في شكل واضح خلال السنوات الأخيرة. فقد أصدر الصدر تصريحات عدّة ضد التدخل الإيراني في القرار العراقي، وبأنّه كان ينافس القوائم الموالية لإيران في الانتخابات (الفتح ودولة القانون على وجه التحديد) وأن موالين له رفعوا شعارات ضد إيران ضمن مظاهراتهم المطالبة بالإصلاح خلال السنوات الماضية وأنّه على خلاف منافسيه (نوري المالكي وهادي العامري) لم يلتق بسليماني خلال السنوات الماضية إطلاقاً.

كما أن الصدر استقبل سفراء الدول المجاورة للعراق في 19 أيار على خلفية إعلان فوز قائمة الصدر في الانتخابات من دون أن يكون من بينهم السفير الإيراني. وضم اللقاء الجماعي سفراء السعودية والأردن والكويت وتركيا وسوريا. وعلى خلاف ما ذكره السفير الإيراني إن علاقة الجمهورية الإسلامية بوالد مقتدى الصدر السيد محمّد صادق الصدر لم تكن ودية إطلاقا حيث تمّ اعتقال ممثله الرسمي في إيران السيّد جعفر الصدر وهو إبن السيد محمد باقر الصدر، وتمّ إغلاق مكتبه في مدينة قم الإيرانية في عام 1998.

كما أن المواقع الإيرانية الرسمية ومنها قناة العالم، تنتقد الصدر على علاقاته مع السعودية وقد اعتبرت أنّ اللقاء الذي جمع الصدر مع سفراء دول الجوار، من دون إيران كان قد تم بإدارة سعودية. ويؤكّد الصدر تشكيل الكتلة النيابية الأكبر على نحو تتضمن مختلف مكّنات العراق وهو أمر غير مسبوق في العراق بعد عام 2003، حيث كانت الكتلة النيابيّة الكبرى دائما هي الكتلة الشيعية وهي التي كانت تدير مفاوضات تشكيل الحكومة مع مشاركة كتل سنية وكردية.

ونشرت صحيفة الحياة أنباء عن مصادر عراقيّة مقربة من الصدر عن محاولات لعقد لقاء يجمع الصدر مع رئيس الحكومة العبادي ورئيس الحزب الديموقراطيّ الكردستاني مسعود بارزاني وزعيم تحالف القرار التابع لخميس الخنجر والوطنية التابع لعلاوي، تمهيداً لتشكيل الكتلة النيابية الأكبر بمشاركة الجميع. وعليه، إن نجح الصدر في تحقيق ذلك فهذا يعني أن العراق قد تجاوز بالفعل المحاصصة الطائفية في تشكيل الحكومة وأن النفوذ الإيراني المتمثل في الجهات السياسية غير المشاركة في هذه الكتلة وهي الفتح ودولة القانون على وجه التحديد قد تقلص إلى حد كبير.

المصدر: صحيفة المونيتور الامريكية

الكاتب: Ali Mamouri

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *