واشنطن تجهز تقنية “الروبوت” لضمان الهيمنة الأميركية على الفضاء” الخارجي “

 المداد ميديا_متابعات

نشر مركز الابحاث الامريكي تقريرا ، ترجمته /المداد ميديا/، يتضمن تفاصيل عن “حرب الفضاء الجارية بين العواصم الكبرى عنوانها تقنية الأقمار الاصطناعية التي لم تعد حبيسة أدراج أفلام الخيال العلمي، بل أقرب إلى النضوج والإعداد لا سيما في أعقاب إعلان الرئيس ترامب، منتصف العام الماضي، عن تشكيل “قوة فضائية’’ ،الهدف منها هو “ضمان الهيمنة الأميركية على الفضاء” الخارجي “.

 

وفيما يلي النص الكامل للتقرير:

دخل الغاء الاتفاق النووي للأسلحة النووية المتوسطة، من الجيل القديم، بين موسكو وواشنطن، حيز التنفيذ رسمياً مطلع شهر آب الجاري؛ ومن ثم يستأنف الطرفان سباق تسلح نووي يسخر الفضاء الخارجي كساحة صدام مرتقبة وفق التصريحات الأميركية الحادة بمضامينها العدوانية، قابلتها روسيا بخطاب يستند إلى الكياسة الديبلوماسية لكنها ماضية في خططها لإدخال أسلحة من نماذج جديدة في الفضاء الخارجي، أسلحة مضادة للأقمار الإصطناعية.

 

لم تعد الحرب الحديثة (الباردة) تقتصر على تكثيف جهود القرصنة عبر المنظومة الالكترونية، بالغة الأهمية والتعقيد لدى الطرفين، بل تنذر بتمدد الأسلحة إلى أنماط لم تعهدها البشرية من قبل بتسخير تقنية الروبوت، أو الحوامات الآلية الصغيرة لتنفيذ مهام متعددة وخطيرة نيابة عن العنصر البشري.

 

سبق وأن تناول المركز في عدة تحاليل سابقة “حرب الفضاء” الجارية بين العواصم الكبرى عنوانها تقنية الأقمار الاصطناعية التي لم تعد حبيسة أدراج أفلام الخيال العلمي، بل أقرب إلى النضوج والإعداد لا سيما في أعقاب إعلان الرئيس ترامب، منتصف العام الماضي، عن تشكيل “قوة فضائية” كذراع مستقل في تشكيلة أسلحة القوات الأميركية موضحاً أن الهدف هو “ضمان الهيمنة الأميركية على الفضاء” الخارجي.

 

بعبارة أخرى، تنوي واشنطن عبر هيمنتها المتخيلة في الفضاء تمديد وتعزيز سيطرتها أيضاً على الكرة الأرضية بأبعاد عسكرية وأمنية صرفة، مردودها العلمي والانساني مبهم في أفضل الأحوال، مما حدى بعدد من أرفع العلماء الأميركيين وصفها بالعبثية وتستنزف أموالاً وموارد دون جدوى.

 

استجابت فرنسا للضغوط الأميركية سريعاً بإعلان رئيسها مانويل ماكرون في احتفالات العيد الوطني يوم الباستيل، 13 تموز الماضي، “.. إنشاء قوة فضائية فرنسية ” للأغراض العسكرية “مهمتها الدفاع عن الأقمار الإصطناعية” الفرنسية؛ واكبه إعلان وزيرة دفاعه فلورانس بارلي عن خطة البدء بتطوير “.. أقمار اصطناعية بتقنية النانو (متناهية الصغر) مزودة بمدافع ليزر ورشاشات آلية؛ لمهاجمة وتعطيل أقمار إصطناعية أخرى؛” مقرها قاعدة جوية مستحدثة في مدينة تولوز، كلفتها الأولوية 700 مليون يور (778 مليون دولار) كجزء من ميزانية أشمل تبلغ 4.3 مليار يورو (4.8 مليار دولار) مع نهاية عام 2025.

 

وقالت في احتفال عقدته في قاعدة عسكرية بمدينة ليون، 26 تموز الماضي “يعكف حلفاونا وخصومنا العسكريين على عسكرة الفضاء الخارجي. ينبغي علينا اتخاذ المبادرة، والإبقاء على الجهوزية.”

 

في مسألة “الجهوزية القتالية” أفاد تقرير صدر حديثاً عن سلاح الجو الأميركي، نشرت أجزاء منه نسخة ايرفورس تايمز الالكترونية، 26 تموز الماضي، تضمن بيانات مقلقلة لحقيقة فعالية سلاح الجو الأميركي التي “.. استمرت في الانحدار منذ عام 2012” وللآن “بلغ معدل المقاتلات القادرة على الإقلاع وتنفيذ مهامها أقل من 70%.”

 

وأوضح التقرير أن 5،413 طائرة من مختلف الأنواع والمهام القتالية، وهي مجموع طائرات   سلاح الجو، “تقلص معدل جهوزيتها القتالية بشكل مضطرد .. ليصل 69.97% لعام 2018؛ مما يعادل انخفاضاً بنسبة 8% عن معدلات عام 2012.”

 

الصين بدورها ردت على نزعة “الهيمنة الأميركية” مؤكدة أن ” النظام والقاعدة للأمن الدولي يقوضهما تزايد الهيمنة وسياسة القوة والانفرادية والصراعات الإقليمية المستمرة والحروب .. الصين تؤمن إيماناً راسخاً بأن الهيمنة والتوسع محكوم عليهما بالفشل؛ السمة المميزة لحماية سيادة الصين لم تكن قط الهيمنة أو التوسع أو بسط النفوذ.” ضمنتها بوثيقة رسمية أطلقت عليها “الكتاب الأبيض” بشأن استراتيجيتها “للدفاع الوطني في العصر الجديد.” (24 تموز 2019).

 

في سياق سباق التسلح عينه، أعرب الرئيس ترامب (2 آب الجاري) عن ثقته بتوصل واشنطن لاتفاق نووي جديد مع روسيا والصين “.. الولايات المتحدة تريد ضم الصين في مرحلة ما؛ ناقشت الأمر مع الرئيس بوتين كما ناقشته مع الصين (وهي) متحمسة جداً لمناقشة هذه المسألة.”

 

في خلفية تصريحات الرئيس الأميركي يكمن توجه واشنطن للتوقيع على معاهدة الحد من الأسلحة النووية من “الجيل الجديد” تضم موسكو وبكين. أما “الجيل الجديد” من الأسلحة فقد أوضحته نشرة ديفينس وان، المختصة بالشؤون العسكرية، 30 تموز 2019، بأنه يستند على تطوير أسلحة مضادة لجهود “الصين وروسيا اللتان تهددان منظومة الأقمار الإصطناعية الأميركية لشؤون الدفاع والاتصالات .. باستحداثهما منظومة روبوتات تعمل في الفضاء الخارجي.”

 

يعود مصطلح الروبوت إلى اللغة التشيكية، robota، للتعبير عن العمل الجبار اي القيام بالأعمال الصعبة والخطيرة نيابة عن البشر.

 

عدد متزايد من القادة العسكريين والسياسيين الأميركيين يعربون عن شديد قلقهم من تمكن (روبوت اصطناعي) الاقتراب وشل حركة أحد الأقمار الأميركية، أو عدد منها، مما سيؤثر على “مساحة التحذير الزمني .. حتى ببضع ثواني معدودة؛” والتي ستنعكس طرداً على فاعلية أجهزة الإنذار الأرضية.

 

من أبرز تلك القيادات الأميركية كان جون هايتن، رئيس هيئة القيادة الاستراتيجية الأميركية الذي وصف التهديد المرئي “بالأقمار الانتحارية – كاميكازي،” نيسان 2019؛ أي تسخير خاصية القرصنة الالكترونية لاعتراض تدفق البيانات بين الأقمار الإصطناعية والمحطات الأرضية، خاصة في حال اندلاع حرب حقيقية ولو على نطاق محدود.

 

التحذير لا ينفك من “هجمات القرصنة الجارية في الزمن الراهن.” يشار إلى تعرض المحطة الأرضية لوكالة الفضاء الأميركية، ناسا، في النرويج لاعتراض تسبب في تأخير وصول البيانات لنحو “12 دقيقة،” عام 2008، والتي كانت ترصد النشاطات الروسية والصينية في الفضاء الخارجي.

 

وفي وقت لاحق من العام ذاته تمكن قراصنة من التحكم بقمر الرصد “تيرا إيرث” التابع لوكالة ناسا أيضا والسيطرة التامة عليه “واختاروا عدم المساس بمنظومته وحركاته.”

 

عند هذا المنعطف يشار إلى المعاهدة الدولية الخاصة بالفضاء الخارجي (لعام 1967) التي أرست “بعض” الضوابط لحركة الأقمار الإصطناعية متعددة الأهداف، مما يجعل بصعوبة من مكان استهداف مركبة فضائية لأخرى شبيهة دون ترك بصمات هويتها، الأمر الذي يعد “عملاً عدائيا،” شبيها بالحرب التقليدية.

 

كما أن طبيعة القوانين الفيزيائية الضابطة لحركة الأقمار الإصطناعية وتثبين دورانها في مدار معروف مسبقا تعيق حركة المناورة في التنفيذ والإفلات من رد فعل الخصم، وهي بحاجة لمصدر طاقة ذاتية هائل لتنفيذ المناورة وتعديل مدارها، فضلاً عن طبيعة الوقود السائل المطلوب الذي يعسر توفيره بانتظام في الفضاء الخارجي.

 

الخبير الأميركي والأستاذ بجامعة بيركلي بولاية كاليفورنيا، دانيال درو، أوضح الشق العلمي والعملياتي لتلك (الروبوتات – الطائرات الأيونية) “المعادية” بأنها حوامات صغيرة صامتة، ذاتية القيادة، تعتمتد على محركات دفع أيونية (مصدر كهربائي لتسريع الأيونات الموجبة) وتوليد قوة الدفع.

 

أحد النماذج الأميركية تم عرضه عام 2017 متناهي الصغر، لا يتعدى قطره 2 سم،” أي ما يقارب قطر قطعة معدنية من فئة ربع دولار.” (نشرة سبكترم الصادرة عن المعهد الأميركي للمهندسين الكهربائيين والالكترونيين ، 5 شباط 2019)

 

ويضيف أن النماذج الحالية المتوفرة تستدعي ارتباط الروبوت بمصدر طاقة متواصل، لكن الأبحاث والتطورات العلمية تعد بتغيير أساسي في تلك الخاصية مما سيعطب الروبوتات قدرة أشمل على التطبيق منها الاستكشاف في الفضاء الخارجي.

 

تتعاظم أهمية تقنية الروبوتات الفضائية، ليس لتواضع كلفة انتاجها مقارنة مع طاقاتها الراهنة والمستقبلية، بل كأحد البدائل العلمية للحد من ذروة الحركة للأقمار في المدارات الأرضية.

 

يصل عدد الأقمار الاصطناعية للدول العالمية المختلفة نحو 5،000 قمر يدور حول فضاء كوكب الأرض، ومن المتوقع ازديادها لنحو 40،000 جسم مع حلول عام 2025؛ ودخول دول جديدة على سباق المنافسة في الفضاء فضلاً عن انضمام “القطاع الخاص،” لا سيما الأميركي، الذي يتوقع أن يطلق وحده ما لا يقا عن 12،000 قمر اصطناعي في السنوات الخمس المقبلة.

 

الأمر الذي دفع “مركز الفلك الدولي” لإطلاق صيحات التحذير نهاية شهر تموز الماضي من حدوث “أزمة مرورية” لتلك الأقمار بعد إطلاق نحو 60 قمراً اصطناعياً في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي فحسب، فضلاً عن النفايات والقطع المعدنية (الخردة) السابحة في الفضاء التي يقدر عددها بنحو نصف مليون قطعة.

 

وكالة الفضاء الروسية، روس كوسموس، أعلنت عن قرب أطلاقها لروبوت روسي، سكي بوت اف-850 ، في 22 الشهر الجاري، للالتحاق بمحطة الفضاء الدولية واخضاعه لتجارب تهيؤه لمهمات استكشاف الفضاء الخارجي.

 

المركز الألماني “لأبحاث الذكاء الإصطناعي،” مقره مدينة بريمن، يجري تجارب لتقنيات حديثة على روبوتات في صحراء المغرب العربي “لتهيئتها القيام بمهام فضائية مستقبلا.” (دويتشي فيله 13 ديسمبر 2018).

 

الولايات المتحدة ستطلق جملة من الأقمار الجديدة المطورة والمزودة بمعدات ضد التشويش لأغراض عسكرية، أبرزها “أن تي أس-3” لتحديد المواقع العالمي، لعام 2022، ميزته ذاتية الحركة واستقلاليته في العمل في حال عطل يصيب اشاراته مع المراكز الأرضية.

 

الأدبيات الأميركية بهذا الشأن تشير إلى اعتماد الخبراء الروس طرق اتصالات بديلة في الفضاء الخارجي أيضا، منها موجات الراديو القصيرة الصادرة عن مركز فضائي يعرف “يو في بي-76” يبث على موجة طولها 4.625 ميغاهيرتز، ويمكن الاستماع إليها في أي مكان على الكرة الأرضية.

 

جدير بالذكر أن تقنية موجات الراديو القصيرة كانت المصدر الرئيس للاتصالات العسكرية قبل اكتشاف ميزات الأقمار الاصطناعية؛ وتتميز محطاتها الأرضية بسرعة تبديل مواقعها وتغيير موجات التقاطها تباعاً لتفادي تشويش الأطراف المعادية، ولخاصيتها في مقاومة القرصنة والتشويش.

 

الجهود الأميركية، بالمقابل، تستثمر موارد وطاقات عالية “.. لتعزيز الاستخدامات العسكرية في الفضاء، والتحليق التجاري، وتنويع مصادر الاتصالات؛ من أجل عدم إتاحة الفرصة لخصومنا أبداً بمعرفة كيفية طرق مواصلاتنا” الالكترونية، وفق ارشادات رئيس هيئة القوات الاستراتيجية الأميركية، جون هايتن.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *