هل العزلة طريق للتطرف ؟ …نقاء رائد الحامد

يختار كثير من الفلاسفة والمفكرين العزلة لمدة يحددوها حسب رغبتهم فمنهم من يقضي أيام، ومنهم من قد يستغرق شهور في عزلته، ذلك كان قبل عصور من الان.
كثرت الدراسات في العقود المتأخرة حول فوائد العزلة التي فاقت مضارّها حتى أصبحت أحد وسائل التخلص من المحيط المكتظ بالأعمال والأشخاص وضغوط الحياة اللامتناهية من خلال انعدام التواصل مع المجتمع لمدة تبدأ من اسبوع وربما تمتد حتى سنوات.
للعزلة أهداف مختلفة، باختلاف ميول الفرد كإجراء بحوث علمية، أو إثبات نظريات، أو أهداف روحانية ودينية، وتتعد أنواعها: كالعزلة القسرية؛ والتي يراد بها التعذيب، والعزلة طويلة الأمد، التي يختارها الشخص طوعٓٓا وتعد من أكثر أنماط العزلة ضررًا.

أما فوائدها التي جعلت الغالبية تتغاضى عن مضارها هي مضاعفة الإبداع بشكل أكبر مما لو كان الفرد بين مجاميع من الناس وتطوير الذات؛ بسبب انفراد الشخص بأفكاره ونظرياته وإحضار مُستلزماتٍ من كتب وأدوات لصنع تجارب ودراسات تُعزز أفكاره وتؤيد نظرياته بعيدًا عن تدخلات المجتمع، وتضارب الآراء حول ما يفعله مما يجعل من الشخص بعد فترة انسانٌ صُلب غالبًا لا يتقبل الآراء المتضاربة مع رأيه فيواجه مصاعب بالعودة للتفاعل مع المجتمع بشكل مرن.

ذلك لا ينفي قدرة البيئة التي تهيئها العزلة على خلق إبداعات مبهرة عندما يحصل الفرد على صفاء الذهن والثقة بأنه قادرٌ على فعل ما يخطط له دون عواقبٍ أو مخاوف من أنها ستقابل بالرفض، أو النقد، فمنذ نشأة الإنسان بمفرده ابتكر شتى الوسائل التي تسهل عليه العيش وكلما عدنا في التاريخ إلى الماضي البعيد نجد أنّ الإنسان كلما كان لمفرده كان أقسى وأشدُ عنفٓا ووحشية حتى بدأت تتكون المجتمعات التي قللت من وحشيتهِ والعُنف الذي كان يسيطر على سلوكياته .

بالرغم من قلة مضار العزلة إلا أنها تشكل خطرًا على المجتمعات لما بينها وبين التطرف الفكري الذي تعد العزلة أحد المسالك إليه من نقاط مشتركة قد تؤدي الى نتائج واحدة فالمتطرف فكريًا لا يؤمن سوى بأفكاره ولا يقرأ إلا الكتب التي تؤيد مفاهيمه ولا يتفاعل بشكل ودي الا مع من يتفق معه ذلك مايجعل منه انسان لا يستطيع البقاء أو العودة وسط مجتمعه فكم من الأشخاص اختارتهم العزلة دون إرادتهم إلى الأبد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *